محتوا و مطالب قرآن

بسم الله الرحمن الرحیم

محتوا و مطالب قرآن

موضوعات و مطالب قرآن را مى توان به چند دسته كلى تقسيم نمود :
الف ) عقايد شامل مباحث اثبات صانع و وحدانيت، صفات كمال و جمال او، نبوت عامه و نبوت خاصه رسول گرامى اسلام ( ص )، معاد و احوال قيامت، بهشت و دوزخ، مجازات گنه كاران و مغفرت عامه الهى و امثال آن، و نيز لزوم امامت و رهبرى و صفات رهبران اسلامى .
ب ) شرايع و قوانين كه شامل مباحث زير مى باشد :
ج ) وقايع و قصص داستان هاى عبرت انگيز امتها و انبياى گذشته و مبارزات آنها با طواغيت زمانشان از قبيل موسى و فرعون، عيسى و حواريون، ابراهيم و نمرود، يحيى و سرگذشت او .
د ) مطالب اخلاقى در مورد تبيين و تعيين معيارها و ارزشهاى والاى انسانى .

آنچه در فقه و اصول مطرح مى گردد , همان دسته دوم ، يعنى شرايع و قوانين است كه در اصطلاح آن را، " آيات الاحكام " مى گويند.

اصل تخییر

اصل تخییر
اصل تخییر در مواردی از علم اصول به کارمی رود که عبارتند از:
1. دردوران امربین محذورین _ وجوب وحرمت_ . 
هرگاه اصل حکم الزامی محرز اما نوع الزام مورد تردید باشد و نداند که آن حکم الزامی وجوب است یا حرمت.
مثلا می دانم درروز جمعه یا نماز جمعه واجب است ویا حرام در آن صورت مخیر است بین انجام دادن و ترک نمازجمعه.

2. در باب تزاحم.
مثال: شخصی شاهد غرق شدن دوانسان است درحالی که اوقدرت وتوان نجات هردوراندارد ونجات هیچ یک از آن دو بر دیگری نیز ترجیحی ندارد در آن صورت چنین شخصی در نجات هریک ازآن دو مخیر است.

3. درمورد تعارض دو اماره:
هرگاه دو خبر یا اماره ای با هم متعارض باشند و مرجحی دربین نباشد و مورد از موارد تساقط هردو و رجوع به اصول عملیه هم نباشد، در آنجا حکم به تخییر می شود که مخصوص مجتهد است.

تعارض استصحاب و قاعده يد

تعارض استصحاب و قاعده يد

در تعارض اصل استصحاب و قاعده ید، اَماره ید ( قاعده ید) بر استصحاب مقدم است.
نمونه بارز اين مطلب را در تعارض قاعده يد و استصحاب می‌توان ترسيم كرد. براساس ماده 35 قانون مدني «تصرف به عنوان مالكيت، دليل مالكيت است، مگر اينكه خلاف آن ثابت شود». بنابراين هرگاه اماره يد اقتضاي مالكيت شخصي را بكند و استصحاب مالكيت مالك سابق، مقتضي ملكيت او باشد، ميان استصحاب و يد تعارض پيش می‌آید، لذا اماره ید ( قاعده ید) مقدم می‌گردد.

استصحاب كلي

استصحاب كلي
استصحاب كلي در موردی است كه مورد استصحاب فرد معلوم و مشخص نباشد بلكه مفهومي كلي و قابل انطباق بر افراد متعدد باشد. در علم اصول اين نوع استصحاب را بر سه قسم كلي تقسيم کرده‌اند و در مورد اعتبار اقسام مباني متعدد ارائه نموده‌اند. اما با وجود اينكه پذيرش هر یک از مباني اصولي در این نوع استصحاب آثار خاصي در پي دارد، در حقوق مدني نسبت به جريان و تبعات آن توجه كافي صورت نگرفته است لذا در اینجا به تفصيل بيشتر اين نوع استصحاب و مجراي آن در حقوق مدني می‌پردازیم.

اصل برائت و آثار آن در امور کیفری (مطالعه تطبیقی )

اصل برائت و آثار آن در امور کیفری (مطالعه تطبیقی )
 

دکتر محمدآشوری

مقدمه :
اصل برائت که می توان آن را میراث مشترک حقوقی همه ملل مترقی جهان محسوب کرد در یکی دو قرن اخیر و به ویژه پس از جنگ جهانی دوم مورد اقبال و عنایت خاص حقوقدانان و قانونگذاران در حقوق داخلی کشورها ونیز موضوع اعلامیه ها و کنوانسیون ها در سطح منطقه ای و یا بین المللی قرار گرفته است. از مطالعات تاریخی چنین برمی آید که در گذشته های درو و حتی تا یکی دو قرن اخیر، جز در برخی نظامهای حقوقی ( مانند حقوق اسلام ) فرض برائت متهمین ، لااقل در پاره ای از اتهامات ، پذیرفته نبوده و در صورت عدم توانائی شاکی برارائه دلیل کافی علیه متهم اثبات بیگناهی بر عهده خود متهم واگذار می شده است. این امر خطیر در پاره ای از ادوار تاریخی از طریق توسل به اوردالی یا داوری ایزدی که خود ریشه در اعتقادات دوران بت پرستی داشت تحقق می پذیرفت و قضات بر این باور بودند که ایزدان به کمک متهم بیگناه خواهند شنافت و چنین متهمی از آزمون اوردالی روسپید بیرون خواهدآمد. بعنوان مثا لدر منشور حمورابی در مورد اتهام جادوگیری و زنای محصنه سرنوشت دعوی را داوری ایزدی مشخص می کرده است : طبق ماده 132این منشور (هرگاه زن شوهرداری متهم به هم خوابگی با مردی اجنبی شود ولیکن شوهر او را با دیگری همبستر ندیده باشد. زن باید برای اثبات بیگناهی خودیکبار در نهر مقدس غوطه ورشود.)

ادامه نوشته

قیاس اولویّت

قیاس اولویّت: و آن عبارت است از سرایت حکم از موضوعى به موضوع دیگر به اولویّت قطعى؛ مانند این که خداوند فرموده: «به پدر و مادر اف نگویید» که این جمله به اولویّت قطعى، دلالت بر حرمت ناسزا گفتن به آنان مى‌کند.

تعریف موضوع و حکم

تعریف موضوع و حکم :
الف - موضوع عبارت است اشیا و افعال انسان . مثل ميز ، شراب خوردن
ب- حکم عبارت است از قانون موضوع . هر موضوعي يك قانون دارد .به قانون موضوع حكم گفته مي شود كه در اين جا منظور حكم شرعي مي باشد .

آموزش اصول فقه

دانلود الموجز آيت الله سبحاني – قسمت دوم
المبحث الخامس: المرّة و التکرار
إذا دلّ الدليل علي أنّ المولي يطلب الفعل مرّة واحدة کقوله سبحانه: (وَ للهِ عَلَي النّاسِ حِجُّ البَيْتِ) (آل عمران/97)، أو دلّ الدليل علي لزوم التکرار کقوله سبحانه: (فَمَنْ شَهِدَ مُنْکُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة/185) فيتبعُ مدلوله.
و أمّا إذا لم يتبيّن واحد من الأمرين، فهل تدلّ علي المرّة أو علي التکرار أو لا تدلّ علي واحد منهما؟
الحقّ هو الثالث، لأنّ الدليل إمّا هو هيئة الأمر أو مادته، فالهيئة وضعت لنفس البعث، و المادّة وضعت لصرف الطبيعة، فليس هناک ما يدلّ علي المرّة و التکرار و استفادتهما من اللفظ بحاجة إلي دليل.
المبحث السادس: الفور والتراخي
اختلف الأُصوليون في دلالة هيئة الأمر علي الفور أو التراخي علي أقوال:
1 . انّها تدلّ علي الفور.
2. انّها تدلّ علي التراخي.
3. انّها لا تدلّ علي واحد منهما.
والحقّ هو القول الثالث لما تقدّم في المرّة والتکرار من أنّ الهيئة وضعت للبعث، و المادة وضعت لصرف الطبيعة، فليس هناک ما يدلّ علي واحد منهما.
استدل القائل بالفور بآيتين:
1 . قوله سبحانه: (وَ سارِعُوا إِلي مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمواتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقين) (آل عمران/123).
وجه الاستدلال: انّ المغفرة فعل لله تعالي، فلا معني لمسارعة العبد إليها، فيکون المراد هو المسارعة إلي أسباب المغفرة و منها فعل المأمور به.
يلاحظ عليه: بأنّ أسباب المغفرة لا تنحصر بالواجبات إذ المستحبات أيضاً من أسبابها، و عندئذٍ لا يمکن أن تکون المسارعة واجبة مع کون أصل العمل مستحباً.

2. قوله سبحانه: (وَ لَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلکِنْ لِيَبْلُوَکُمْ فِي ما آتاکُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرات) (المائدة/48).
فظاهر الآية وجوب الاستباق نحوَ الخير و الإتيان بالفرائض - الذي هو من أوضح مصاديقه - فوراً.
يلاحظ عليه: أنّ مفاد الآية بعث العباد نحوَ العمل بالخير بأن يتسابق کلّ علي الآخر مثل قوله سبحانه: (وَاسْتَبَقا الباب) (يوسف/25) ولا صلة للآية بوجوب مبادرة کلّ مکلّف إلي ما وجب عليه و إن لم يکن في مظنة السبق.

الفصل الثالث الإجزاء
تصدير
لانزاع في أنّ المکلّف إذا امتثل ما أمر به مولاه علي الوجه المطلوب - أي جامعاً لما هو معتبر فيه من الأجزاء أو الشرائط - يعدّ ممتثلاً لذلک الأمر و مسقطاً له من دون حاجة إلي امتثال ثان.
دليل ذلک: انّ الهيئة تدلّ علي البعث أو الطلب، و المادة تدلّ علي الطبيعة و هي توجد بوجود فرد واحد، فإذا امتثل المکلّف ما أمر به بإيجاد مصداق واحد منه فقد امتثل ما أمر به و لا يبقي لبقاء الأمر بعد الامتثال وجه.
و إنّما النزاع في إجزاء الأمر الواقعي الاضطراري عن الاختياري و إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي وهاهنا مبحثان:
المبحث الأوّل: إجزاء الأمر الواقعي الاضطراري عن الاختياريّ
الصلوات اليومية واجبة بالطهارة المائية قال سبحانه: (يا أَيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَيديَکُمْ إِلَي المَرافِقِ ...) (المائدة/6).
و ربما يکون المکلّف غير واجد للماء فجُعِلت الطهارة الترابية مکان الطهارة المائية لأجل الاضطرار، قال سبحانه: (وَ إِنْ کُنْتُمْ مَرضي أَو عَلي سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ
مِنْکُمْ مِنَ الغائِطِ اوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة/6).
فالصلاة المائية فرد اختياري و الأمر به أمر واقعي أوّلي، کما أنّ الصلاة بالطهارة الترابية فرد اضطراريّ و الأمر به أمر واقعي ثانوي، فيقع الکلام في أنّ المکلّف إذا امتثل المأمور به في حال الاضطرار علي الوجه المطلوب، فهل يسقط الأمر الواقعي الأوّلي بمعني أنّه لو تمکّن من الماء بعد إقامة الصلاة بالتيمم، لا تجب عليه الإعادة و لا القضاء، أو لا يسقط؟ أمّا سقوط أمر نفسه فقد علمت أنّ امتثال أمر کلّ شيء مسقط له.
ثمّ إنّ للمسألة صورتين:
تارة يکون العذر غيرَ مستوعب، کما إذا کان المکلّف فاقداً للماء في بعض أجزاء الوقت و قلنا بجواز البدار فصلّي متيمّماً ثمّ صار واجداً له.
و أُخري يکون العذر مستوعباً، کما إذا کان فاقداً للماء في جميع الوقت فصلّي متيمّماً، ثمّ ارتفع العذر بعد خروج الوقت.
فالکلام في القسم الأوّل في وجوب الإعادة في الوقت، و القضاء خارجه، کما أنّ الکلام في الثاني في وجودب القضاء.
والديليل علي الإجزاء أنّه إذا کان المتکلم في مقام البيان لما يجب علي المکلّف عند الاضطرار، ولم يذکر إلاّ الإتيان بالفرد الاضطراري من دون إشارة إلي إعادته أو قضائه بعد رفع العذر، فظاهر ذلک هو الإجزاء فمثلاً: انّ ظاهر قوله سبحانه: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة/6)، و قوله صلي الله عليه و آله وسلّم : «يا أباذر
يکفيک الصعيد عشر سنين»  و قوله عليه السلام في رواية أُخري: «إنّ ربّ الماء ربّ الصعيد فقد فعل أحد الطهورين». هو الإجزاء و عدم وجوب الإعادة و القضاء، و إلاّ لوجب عليه البيان فلا بدّ في إيجاب الإتيان به ثانياً من دلالة دليل بالخصوص.
ولو افترضنا عدم کون المتکلّم في مقام البيان في دليل البدل و کونه ساکتاً عن الإعادة و القضاء، فمقتضي الأصل أيضاً هو البراءة وسيأتي تفصيله.
المبحث الثاني: في إجزاء الأمر الظاهري عن الأمر الواقعي
الکلام في إجزاء امتثال الأمر الظاهري عن امتثال الأمر الواقعي يتوقف علي توضيح الأمر الظاهري أوّلاً، ثمّ البحث عن الإجزاء ثانياً.
ينقسم الحکم عند الأُثوليين إلي واقعي و ظاهري.
أمّا الحکم الواقعي: فهو الحکم الثابت للشيء بما هوهو أي من غير لحاظ کون المکلّف جاهلاً بالواقع أو شاکّاً فيه، کوجوب الصلاة و الصوم و الزکاة و غير هما من الأحکام القطعية.
و أمّا الحکم الظاهري، فهو الحکم الثابت للشيء عند عدم العلم بالحکم الواقعي، و هذا کالأحکام الثابتة بالأمارات و الأُصول
إذا عرفت ذلک يقع الکلام في أنّ العمل بالأمارة أو الأُصول هل يقتضي الإجزاء عن امتثال الأمر الواقعي أو لا؟
فمثلاً إذا دلّ خبر الواحد علي کفاية التسبيحة الواحدة في الرکعتين
الأخيرتين، أو دلّ علي عدم وجوب السورة الکاملة، أو عدم وجوب الجلوس بعد السجدة الثانية، فطُبِّق العمل علي وفق الأمارة ثمّ تبيّن خطؤها، فهل يجزي عن الإعادة في الوقت و القضاء خارجه أولا؟
أو إذا صلّي في ثوب مستصحب الطهارة ثمّ تبيّن أنّه نجس، فهل يُِجزي عن الإعادة في الوقت و القضاء بعده أو لا؟
فيه أقوال ثالثها الإجزاء مطلقاً من غير فرق بين کون الامتثال بالأمارة أو الأصل.
الفصل الرابع مقدّمة الواجب
تعريف المقدّمة
«ما يتوصل بها إلي شيء آخر علي وجه لولاها لما أمکن تحصيله» من غير فرق بين کون المقدّمة منحصرة، أو غير منحصرة، غاية الأمر أنّها لو کانت منحصرة لانحصر رفع الاستحالة بها، و إن کانت غير منحصرة لانحصر رفع الاستحالة في الإتيان بها أو بغيرها، وقد وقع الخلاف في وجوب مقدمة الواجب شرعاً بعد اتفاق العقلاء علي وجوبها عقلاً، و قبل الدخول في صلب الموضوع نذکر أقسام المقدّمة:
فنقول: إنّ للمقدّمة تقسيمات مختلفة:
الأوّل: تقسيمها إلي داخلية و خارجية
المقدّمة الداخلية: و هي جزء المرکب، أو کلّ ما يتوقف عليه المرکّب وليس له وجود مستقل خارج عن وجود المرکّب کالصلاة فانّ کلّ جزء منها مقدّمة داخليّة باعتبار أنّ المرکّب متوقّف في وجوده علي أجزائه، فکلّ جزء في نفسه مقدّمة لوجود المرکّب، و إنّما سمّيت داخلية لأنّ الجزء داخل في قوام المرکّب، فالحمد أو الرکوع بالنسبة إلي الصلاة مقدّمة داخلية.
المقدّمة الخارجية: و هي کلّ ما يتوقف عليه الشيء و له وجود مستقل خارج عن وجود الشيء، کالوضوء بالنسبة إلي الصلاة.
الثاني تقسيمها إلي عقلية و شرعية و عادية
المقدّمة العقلية: ما يکون توقّف ذي المقدّمة عليه عقلاً، کتوقف الحج علي قطع المسافة.
المقدّمة الشرعية: ما يکون توقّف ذي المقدّمة عليه شرعاً، کتوقّف الصلاة علي الطهارة.
المقدّمة العادية: ما يکون توقّف ذي المقدّمة عليه عادة، کتوقّف الصعود إلي السطح علي نصب السلَّم.
الثالث: تقسيمها إلي مقدّمة الوجود و الصحّة و الوجوب و العلم
الملاک في هذا التقسيم غير الملاک في التقسيمين الماضيين، فانّ الملاک في التقسيم الأوّل هو تقسيم المقدّمة بلحاظ نفسها و في الثاني تقسيمها بلحاظ حاکمها و هو إمّا العقل أو الشرع أو العادة و في التقسيم الثالث تقسيمها باعتبار ذيها و إليک البيان.
مقدّمة الوجود: هي ما يتوقف وجود ذي المقدمة عليها کتوقف المسبب علي سببه.
مقدّمة الصحّة: هي ما تتوقف صحّة ذي المقدّمة عليها کتوقف صحّة العقد الفضولي علي إجازة المالک.
مقدّمة الوجوب: هي ما يتوقف وجوب ذي المقدمة عليها کتوقف وجوب الحجّ علي الاستطاعة.
مقدّمة العلم: هي ما يتوقّف العلم بتحقّق ذي المقدمة عليها، کتوقّف العلم بالصلاة إلي القبلة، علي الصلاة إلي الجهات الأربع.
و النزاع في وجوب المقدّمة و عدمه إنّما هو في القسمين الأوّلين أي مقدّمة الوجود و الصحّة، و أمّا مقدّمة الوجوب فهو خارج عن محطّ النزاع، لأنّها لولا المقدّمة لما وصف الواجب بالوجوب، فکيف تجب المقدّمة بالوجوب الناشئ من قبل الواجب، المشروط وجوبه بها؟
و أمّا المقدّمة العلمية فلا شکّ في خروجها عن محطّ النزاع، فإنّها واجبة عقلاً لا غير، ولو ورد في الشرع الأمر بالصلاة إلي الجهات الأربع، فهو إرشاد إلي حکم العقل.
الرابع: تقسيمها إلي السبب و الشرط و المُعدّ والمانع
ملاک هذا التقسيم هو اختلاف کيفية تأثير کلّ في ذيها، غير أنّ تأثير کلّ يغاير نحو تأثير الآخر، و إليک تعاريفها.
السبب: ما يکون منه وجود المسبب و هذا ما يطلق عليه المقتضي، کالدلوک فانّه سبب لوجوب الصلاة، و شغل ذمة المکلّف بها لقوله سبحانه: )أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلي غَسَقِ اللَّيْل( (الإسراء/78).
الشرط: ما يکون مصححاً إمّا لفاعلية الفاعل، أو لقابلية القابل، و هذا کمجاورة النار للقطن، أو کجفاف الحطب شرط احتراقه بالنار. و مثاله الشرعي کون الطهارة شرطاً لصحّة الصلاة، والاستطاعة المالية شرطاً لوجوب الحج.
المُعِدّ: ما يقرّب العلّة إلي المعلول کارتقاء السلّم، فإنّ الصعود إلي کلّ درجة، معدّ للصعود إلي الدرجة الأُخري.
المانع: ما يکون وجوده مانعاً عن تأثير المقتضي، کالقتل حيث جعله الشارع مانعاً من الميراث، والحدث مانعاً من صحّة الصلاة.
الخامس: تقسيمها إلي مفوِّتة و غير مفوِّتة
المقدّمة المفوّتة: عبارة عن المقدّمة التي يحکم العقل بوجوب الإتيان بها قبل وجوب ذيها علي وجه لولم يأت بها قبله لما تمکّن من الإتيان بالواجب في وقته، کقطع المسافة للحجّ قبل حلول أيّامه بناء علي تأخر وجوب الحجّ إلي أن يحين وقته، فبما أنّ ترک قطع المسافة في وقته يوجب فوت الواجب، يعبّر عنه بالمقدّمة المفوّتة.
و مثله الاغتسال عن الجنابة للصوم قبل الفجر، فإنّ الصوم يجب بطلوع الفجر، و لکن يلزم الإتيان بالغسل قبله و إلاّ لفسد الصوم، و يکون ترکه مفوِّتاً للواجب.
السادس: تقسيمها إلي مقدّمة عبادية و غيرها
إنّ الغالب علي المقدّمة هي کونها أمراً غير عبادي، کتطهير الثوب للصلاة، و قطع المسافة إلي الحجّ، و ربما تکون عبادة، و مقدّمة لعبادة أُخري بحيث لا تقع مقدّمة إلاّ إذا وقعت علي وجه عبادي، و مثالها منحصر في الطهارات الثلاث (الوضوء و الغسل و التيمم).
الأقوال في المسألة
اختلفت کلمة الأُصوليين في حکم المقدمة علي أقوال:
1 . وجوبها مطلقاً و هو المشهور.
2. عدم وجوبها کذلک.
3. القول بالتفصيل.
و المختار عندنا: عدم وجوب المقدّمة أساساً، فتصبح الأقوال المتقدّمة کالسالبة بانتفاء الموضوع، لأنّها علي فرض وجوبها، و إليک بيان المختار.
وجوب المقدّمة بين اللغوية و عدم الحاجة
إنّ الغرض من الإيجاب هو جعل الداعي في ضمير المکلّف للانبعاث نحو الفعل، و الأمر المقدّمي فاقد لتلک الغاية، فهو إمّا غير باعث، أو غير محتاج إليه.
أمّا الأوّل، فهو فيما إذا لم يکن الأمر بذي المقدّمة باعثاً نحو المطلوب النفسي، فعند ذلک يکون الأمر بالمقدّمة أمراً لغواً لعدم الفائدة في الإتيان بها.
و أمّا الثاني، فهو فيما إذا کان الأمر بذيها باعثاً للمکلّف نحو المطلوب، فيکفي ذلک في بعث المکلّف نحو المقدّمة أيضاً، و يکون الأمر بالمقدّمة أمراً غير محتاج إليه.
و الحاصل: أنّ الأمر المقدّمي يدور أمره بين عدم الباعثية إذا لم يکن المکلّف بصدد الإتيان بذيها، و عدم الحاجة إليه إذا کان بصدد الإتيان بذيها، و إذا کان الحال کذلک فتشريع مثله قبيح لا يصدر عن الحکيم.
الفصل الخامس في تقسيمات الواجب
للواجب تقسيمات مختلفة نشير إليها إجمالاً، ثمّ نأخذ بالبحث عنها تفصيلاً:
1 . تقسيم الواجب إلي مطلق و مشروط.
2. تقسيم الواجب إلي المؤقّت و غير المؤقّت.
3. تقسيم الواجب إلي نفسيّ و غيريّ.
4. تقسيم الواجب إلي أصلي و تبعي.
5. تقسيم الواجب إلي عينيّ و کفائيّ.
6. تقسيم الواجب إلي تعييني و تخييري.
7. تقسيم الواجب إلي التعبديّ والتوصلّي
إمّا أن يکون وجوب الواجب غير متوقّف علي تحقّق ذلک الشيء، کوجوب الحجّ بالنسبة إلي قطع المسافة، فالحجّ واجب سواء قطع المسافة أو لا.
و إمّا أن يکون وجوبه متوقّفاً علي تحقّق ذلک الشيء، بمعني انّه لولا حصوله لما تعلّق الوجوب بالواجب، کالاستطاعة الشرعيّة  بالنسبة إلي الحجّ، فلولاها لما تعلّق الوجوب بالحجّ.
و من هنا يعلم أنّه يمکن أن يکون وجوب الواجب بالنسبة إلي شيء مطلقاً، و بالنسبة إلي شيء آخر مشروطاً کوجوب الصلاة، بل عامة التکاليف بالنسبة إلي البلوغ و القدرة و العقل، فإنّ الصبي و العاجز و المجنون غير مکلّفين بشيء و قد رفع عنهم القلم، فوجوب الصلاة مشروط بالنسبة إلي هذه الأُمور الثلاثة، و لکنّه في الوقت نفسه غير مشروط بالنسبة إلي الطهارة الحدثية والخبثية، فالصلاة واجبة سواء کان المکلّف متطهراً أم لا.
و بذلک يظهر أنّ الإطلاق و الاشتراط من الأُمور النسبية، فقد يکون الوجوب بالنسبة إلي شيء مطلقاً و إلي شيء آخر مشروطاً.
2. تقسيم الواجب إلي المؤقّت و غير المؤقّت
والمؤقّت إلي الموسّع و المضيّق.
الواجب غير المؤقت: مالا يکون للزمان فيه مدخلية و إن کان الفعل لا يخلو عن زمان ، کإکرام العالم و إطعام الفقير.
ثمّ إنّ غير المؤقت ينقسم إلي فوري: و هو مالا يجوز تأخيره عن أوّل أزمنة إمکانه، کإزالة النجاسة عن المسجد، و ردّ السّلام، و الأمر بالمعروف.
و غير فوري: وهو ما يجوز تأخيره عن أوّل أزمنة إمکانه، کقضاء الصلاة الفائتة، وأداء الزکاة، و الخمس.
الواجب المؤقّت: ما يکون للزمان فيه مدخلية، و له أقسام ثلاثة:
أ. أن يکون الزمان المعيّن لإتيان الواجب مساوياً لزمان الواجب، کالصوم، و هو المسمّي بالمضيّق.
ب. أن يکون الزمان المعيّن لإتيان الواجب أوسع من زمان الواجب، کالصلوات اليومية، و يعبّر عنه بالموسّع.
ج. أن يکون الزمان المعيّن لإتيان الواجب أضيق من زمان الواجب، و هو مجرّد تصور، ولکنّه محال لاستلزامه التکليف بمالا يطاق.
تتمة
هل القضاء تابع للأداء؟
إذا فات الواجب المؤقّت في ظرفه من دون فرق بين کونه مضيّقاً أو موسّعاً، فقيل يدلّ نفس الدليل الأوّل علي وجوب الإتيان خارج الوقت فيجب القضاء و يعبّر عنه بأنّ القضاء تابع للأداء، و قيل بعدم الدلالة فلا يجب القضاء إلاّ بأمر جديد. و يختص محلّ النزاع فيما إذا لم يکن هناک دليل يدلّ علي أحد الطرفين فمقتضي القاعدة سقوط الأمر المؤقّت بانقضاء وقته و عدم وجوب الإتيان به خارج الوقت لأنّه من قبيل الشکّ في التکليف الزائدوسيأتي أنّ الأصل عند الشک في التکليف البراءة.
3. تقسيم الواجب إلي النفسي و الغيري
الواجب النفسي: هو ما وجب لنفسه کالصلاة.
و الواجب الغيري: ما وجب لغيره کالوضوء بالنسبة إلي الصلاة.
4. تقسيم الواجب إلي أصلي و تبعي
إذا کان الواجوب مفاد خطاب مستقل و مدلولاً بالدلالة المطابقية، فالواجب أصلي سواء کان نفسياً کما في قوله سبحانه: )وَ أَقِيمُوا الصَّلاة وَ آتُوا الزَّکاة (النور/56)، أو غيرياً کما في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَيدِيَکُمْ إِلَي المَرافِقِ( (المائدة/6).
و أمّا إذا کان بيان وجوب الشيء من توابع ما قصدت إفادته، کما إذا قال: اشتر اللحم، الدال ضمناً علي وجوب المشي إلي السوق، فالواجب تبعي لم يُسق الکلام إلي بيانه إلاّ تبعاً.
5. تقسيم الواجب إلي العيني و الکفائي
الواجب العيني: هو ما تعلّق فيه الأمر بکلّ مکلّف ولا يسقط عنه بفعل الغير، کالفرائض اليومية.
الواجب الکفائي: هو ما تعلّق فيه الأمر بعامّة المکلّفين لکن علي نحو لو قام به بعضهم سقط عن الآخرين کتجهيز الميت و الصلاة عليه.
6. تقسيم الواجب إلي التعييني و التخييري
الواجب التعييني: هو مالا يکون له عِدْل، کالفرائض اليومية.
الواجب التخييري: هو ما يکون له عدل، کخصال کفّارة الإفطار العمدي
في صوم شهر رمضان، حيث إنّ المکلّف مخير بين أُمور ثلاثة: صوم شهرين متتابعين، إطعام ستين مسکيناً، و عتق رقبة.
7. تقسيم الواجب إلي التوصّلي و التعبّدي
الواجب التوصّلي: هو ما يتحقّق امتثاله بمجرّد الإتيان بالأُمور به بأي نحو اتفق من دون حاجة إلي قصد القربة، کدفن الميت و تطهير المسجد، و أداء الدين، وردّ السلام.
الواجب التعبّدي: هو ما لا يتحقق امتثاله بمجرّد الإتيان بالمأمور به بل لابدّ من الإتيان به متقرباً إلي الله سبحانه، کالصلاة والصوم و الحجّ.
ثمّ إنّ قصد القربة يحصل بأحد أُمور ثلاثة:
أ: الإتيان بقصد امتثال أمره سبحانه.
ب: الإتيان لله تبارک و تعالي مع صرف النظر عن الآخر.
ج: الإتيان بداعي محبوبية الفعل له تعالي دون سائر الدواعي النفسانية.
ثمّ إنّه إذا شکّ في کون واجب توصّلياً أم تعبّدياً، نفسياً أم غيرياً، عينياً أم کفائياً، تعيينياً أم تخييرياً، فمقتضي القاعدة کونه توصلياً لا تعبّدياً، نفسياً لا غيرياً، عينياً لا کفائياً، تعيينياً لا تخييرياً، و التفصيل موکول إلي الدراسات العليا.
الفصل السادس اقتضاء الأمر بالشيء، النهي عن ضدّه
اختلف الأُصوليون في أنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه أو لا؟ علي أقوال، و قبل الورود في الموضوع نقول: الضدّ هو مطلق المعاند و المنافي، وقسّم الأُصوليون الضدّ إلي ضدّ عام و ضدّ خاص.
و الضدّ العام: هو ترک المأمور به.
و الضدّ الخاص: هو مطلق المعاند الوجودي.
وعلي هذا تنحلُّ المسألة في عنوان البحث إلي مسألتين موضوع إحداهما الضدّ العام، و موضوع الأُخري الضدّ الخاص.
فيقال في تحديد المسألة الأُولي: هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العام أو لا؟ مثلاً إذا قال المولي: صلّ صلاة الظهر، فهل هو نهي عن ترکها؟ کأن يقول: «لاتترک الصلاة» فترک الصلاة ضدّ عام للصلاة بمعني انّه نقيض له و الأمر بها نهي عن ترکها
کما يقال في تحديد المسألة الثانية: إنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن
ضدّه الخاص أو لا؟ فإذا قال المولي: أزل النجاسة عن المسجد، فهل الأمر بالإزالة لأجل کونها واجباً فوريّاً بمنزلة النهي عن کلّ فعل وجودي يعاندها، کالصلاة في المسجد؟ فکأنّه قال: أزل النجاسة ولا تصلّ في المسجد عند الابتلاء بالإزالة.
المسألة الأُولي: الضدّ العام
إنّ للقائلين باقتضاء الأمر بالشيء النهيَ عن الضدّ العام أقوالاً:
الأوّل: الاقتضاء علي نحو العينية و انّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العام، فيدلّ الأمر عليه حينئذٍ بالدلالة المطابقية، فسواء قلت: صلّ أو قلت: لا تترک الصلاة، فهما بمعني واحد.
الثاني: الاقتضاء علي نحو الجزئية و انّ النهي عن الترک جزءٌ لمدلول الأمر بالشيء، لأنّ الوجوب الذي هو مدلول مطابقي للأمر ينحلُّ إلي طلب الشيء و المنع من الترک، فيکون المنع من الترک الذي هو نفس النهي عن الضدّ العام، جزءاً تحليلياً للوجوب.
الثالث: الاقتضاء علي نحو الدلالة الالتزامية، فالأمر بالشيء يلازم النهي عن الضدّ عقلاً.
و مختار المحقّقين عدم الدلالة مطلقاً.
المسألة الثانية: الضد الخاص
استدلّ القائلون بالاقتضاء بالدليل التالي و هو مرکّب من أُمور ثلاثة:
أ. انّ الأمر بالشيء کالإزالة مستلزم للنهي عن ضده العام و هو ترک الإزالة علي القول به في البحث السابق.
ب. انّ الاشتغال بکل فعل وجودي (الضد الخاص) کالصلاة والأکل ملازم للضد العام، کترک الإزالة حيث إنّهما يجتمعان.
ج. المتلازمان متساويان في الحکم، فإذا کان ترک الإزالة منهياً عنه - حسب المقدّمة الأُولي - فالضد الملازم له کالصلاة يکون مثله في الحکم أي منهيّاً عنه.
فينتج أنّ الأمر بالشيء کالإزالة مستلزم للنهي عن الضد الخاص.
يلاحظ عليه: أوّلاً: بمنع المقدّمة الأُولي لما عرفت من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده العام، و أنّ مثل هذا النهي المولوي أمر لغو لا يحتاج إليه.
ثانياً: بمنع المقدّمة الثالثة أي لا يجب أن يکون أحد المتلازمين محکوماً بحکم المتلازم الآخر فلو کان ترک الإزالة حراماً لا يجب أن يکون ملازمه، أعني: الصلاة حراماً، بل يمکن أن لا يکون محکوماً بحکم أبداً في هذا الظرف، و هذا کاستقبال الکعبة الملازم لاستدبار الجدي، فوجوب الاستقبال لا يلازم وجوب استدبار الجدي. نعم يجب أن لايکون الملازِم محکوماً بحکم يضادّ حکم الملازَم، کأن يکون الاستقبال واجباً واستدبار الجَدي حراماً، و في المقام أن يکون ترک الإزالة محرماً والصلاة واجبة.
الثمرة الفقهية للمسألة:
تظهر الثمرة الفقهية للمسألة في بطلان العبادة إذا ثبت الاقتضاء، فإذا کان الضد عبادة کالصلاة، و قلنا بتعلّق النهي بها تقع فاسدة، لأنّ النهي يقتضي الفساد، فلو اشتغل بالصلاة حين الأمر بالإزالة تقع صلاته فاسدة أو اشتغل بها، حين طلب الدائن دينه.
الفصل السابع نسخ الوجوب
إذا نسخ الوجوب فهل يبقي الجواز أو لا؟ ولنقدم مثالاً من الکتاب العزيز.
فرض الله سبحانه علي المؤمنين - إذا أرادوا النجوي مع النبي صلي الله عليه و آله وسلّم - تقديم صدقة، قال سبحانه:
)يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إذا نَاجَيتَُمُ الرسولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نجواکُم صَدَقَةً ذلکَ خَيْرٌ لَکُمْ وأطهر فإن لَمْ تَجِدُوا فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحيم) (المجادلة/12).
فلمّا نزلت الآية کفّ کثير من الناس عن النجوي، بل کفّوا عن المسألة، فلم يناجه أحد إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم نسخت الآية بما بعدها، وقال سبحانه:
(ءأَشفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجْواکُمْ صَدَقاتٍ فَإِذ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْکُمْ فَأَقِيمُوا الصَلاةَ وَآتُوا الزَکاةَ وَأَطيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ واللهُ خبيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (المجادلة/13).
فوق الکلام في بقاء جواز تقديم الصدقة إذا ناجي أحد مع الرسول صلي الله عليه و آله وسلّم فهناک قولان:
الأوّل: ما اختاره العلاّمة في «التهذيب» من الدلالة علي بقاء الجواز.
الثاني: عدم الدلالة علي الجواز، بل يرجع إلي الحکم الذي کان قبل الأمر. وهو خيرة صاحب المعالم.
استدل للقول الأوّل بأنّ المنسوخ لما دلَّ علي الوجوب، أعني قوله: (فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نجواکُم صَدَقَةً) فقد دلَّ علي أُمور ثلاثة:
1. کون تقديم الصدقة جائزاً.
2.کونه أمراً راجحاً.
3. کونه أمراً لازماً.
و القدر المتيقّن من دليل الناسخ هو رفع خصوص الإلزام، و أمّا ما عداه کالجواز و کالرجحان فيؤخذ من دليل المنسوخ، نظيره ما إذا دلّ دليل علي وجوب شيء و دلّ دليل آخر علي عدم وجوبه، کما إذا ورد أکرم زيداً وورد أيضاً لابأس بترک إکرامه فيحکم بأظهرية الدليل الثاني علي الأوّل علي بقاء الجواز و الرجحان.
يلاحظ عليه: أنّه ليس للأمر إلاّ ظهور واحد و هو البعث نحو المأُمور به، و أمّا الوجوب فإنّما يستفاد من أمر آخر، و هو کون البعث تمام الموضوع لوجوب الطاعة والالتزام بالعمل عند العقلاء، فإذا دلّ الناسخ علي أنّ المولي رفع اليد عن بعثه، فقد دلَّ علي رفع اليد عن مدلول المنسوخ فلا معني للالتزام ببقاء الجواز أو الرجحان إذ ليس له إلاّ ظهور واحد، و هو البعث نحو المطلوب لا ظهورات متعدّدة حتي يترک المنسوخ (اللزوم) و يؤخذ بالباقي (الجواز و الرجحان).
و بعبارة أُخري: الجواز و الرجحان من لوازم البعث إلي الفعل، فإذا نسخ الملزوم فلا وجه لبقاء اللازم.
الفصل الثامن الأمر بالأمر بفعل، أمر بذلک الفعل
إذا أمر المولي فرداً ليأمر فرداً آخر بفعل، الأمر الصادر من المولي أمر بذلک الفعل أيضاً أو لا؟ ولإيضاح الحال نذکر مثالاً:
إنّ الشارع أمر الأولياء ليأمروا صبيانهم بالصلاة، روي بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: «إنّا نأمر صبياننا بالصلاة إذا کانوا بني خمس سنين، فمروا صبيانکم بالصلاة إذا کانوا بني سبع» ففي هذا الحديث أمر الإمام الأولياء بأمر صبيانهم بالصلاة.
فعندئذ يقع الکلام في أنّ أمر الإمام يتحدّد بالأمر بالأولياء، أو يتجاوز عنه إلي الأمر بالصلاة أيضاً.
فمحصّل الکلام: أنّه لا شک أنّ الصبيان مأُمورون بإقامة الصلاة إنّما الکلام في أنّهم مأُمورون من جانب الأولياء فقط، أو هم مأُمورون من جانب الشارع أيضاً.
و تظهر الثمرة في مجالين:
الأوّل: شرعية عبادات الصبيان، فلو کان الأمر بالأمر، أمراً بذلک الفعل تکون عبادات الصبيان شرعية و إلاّ تکون تمرينيّة.
الثاني: صحّة البيع ولزومه فيما إذا أمر الوالد ولده الأکبر بأن يأمر ولده الأصغر ببيع متاعه، فنسي الواسطة إبلاغ أمر الوالد و اطّلاع الأصغر من طريق آخر علي أمر الوالد فباع المبيع.
فإن قلنا بأنّ الأمر بالأمر بفعل، أمر بنفس ذلک الفعل يکون بيعه صحيحاً ولازماً، و إن قلنابخلافه يکون بيعه فضولياً غير لازم.
الظاهر أنّ الأمر بالأمر بالفعل أمر بذلک أيضاً، لأنّ المتبادر في هذه الموارد تعلّق غرض المولي بنفس الفعل و کان أمر المأُمور الأوّل طريقاً للوصول إلي نفس الفعل من دون دخالة لأمر المأُمور الأوّل.
الفصل التاسع الأمر بالشيء بعد الأمر به
هل الأمر بالشيء بعد الأمر به قبل امتثاله ظاهر في التأکيد أو التأسيس، فمثلاً إذا أمر المولي بشيء ثم أمر به قبل المتثال الأمر الأوّل فهل هو ظاهر في التأکيد، أو ظاهر في التأسيس؟
للمسألة صور:
أ. إذا قُيِّدَ متعلّق الأمر الثاني بشيء يدلّ علي التعدّد و الکثرة کما إذا قال: صلِّ، ثم قال: صلِّ صلاة أُخري.
ب. إذا ذُکِرَ لکل حکم سبب خاص، کما إذا قال: إذا نمت فتوضّأ، و إذا مسست ميّتاً فتوضّأ.
ج. إذا ذکر السبب، لواحد من الحکمين دون الآخر، کما إذا قال: توضأ، ثم قال: إذا بلت فتوضأ.
د. أن يکون الحکم خالياً عن ذکر السبب في کلا الأمرين.
لا إشکال في أن الأمر في الصورة الأُولي للتأسيس لا للتأکيدلأن الأمر الثاني صريح في التعدّد.
و أمّا الصورة الثانية، فهي کالصورة الأُولي ظاهرة في تأسيس إيجاب، وراء إيجاب آخر.
نعم يقع الکلام في إمکان التداخل بأن يمتثل کلا الوجوبين المعدّدين بوضوء واحد وعدمه، فهو مبني علي تداخل المسببات و عدمه، فعلي الأوّل يکفي وضوء واحد ولا يکفي علي الثاني و سيأتي الکلام فيه في باب المفاهيم، فيختص محل البحث بالصورتين الأخيرتين.
ولعل القول بالإجمال و عدم ظهور الکلام في واحد من التأکيد و التأسيس أولي، لأنّ الهيئتين تدلاّن علي تعدّد البعث و هو أعم من التأکيد و التأسيس. و ما يقال من أنّ التأسيس أولي من التأکيد، لا يثبت به الظهور العرفي. تم الکلام في المقصد الأوّل والحمدلله
المقصد الثاني في النواهي
و فيه فصول:
الفصل الأوّل: في مادة النهي و صيغته.
الفصل الثاني: في جواز اجتماع الأمر و النهي في عنوان واحد.
الفصل الثالث: في اقتضاء النهي للفساد.

الفصل الأوّل في مادة النهي و صيغته
النهي هو الزجر عن الشيء، قال سبحانه: (أَرَأَيْتَ الّذي يَنْهي* عَبْداً إِذا صَلّي) (العلق/10-9).
و يعتبر فيه العلو و الاستعلاء و يتبادر من مادة النهي، الحرمة بمعني لزوم الامتثال علي وفق النهي. والدليل عليه قوله سبحانه: (وَأَخذِهمُ الرِّبا وَ قَد نُهُوا عَنْهُ) (النساء/161). و قوله سبحانه: (فَلَمّا عَتَوْا عَمّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ کُوُنُوا قِرَدَة خاسِئين) (الأعراف/166). و قوله سبحانه: (وَما آتاکُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر/7) وقد مرّ نظير هذه المباحث في مادة الأمر فلا نطيل.
وأمّا صيغة النهي فالمشهور بين الأُصوليين أنّها کالأمر في الدلالة علي الطلب غير أنّ متعلّق الطلب في أحدهما هو الوجود، أعني: نفس الفعل؛ و في الآخرالعدم، أعني: ترک الفعل.
ولکن الحق أنّ الهيئة في الأوامر وضعت للبعث إلي الفعل ، و في النواهي وضعت للزجر، و هما إمّا بالجوارح کالإشارة بالرأس و اليد أو باللفظ والکتابة.
وعلي ضوء ذلک فالأمر و النهي متّحدان من حيث المتعلّق حيث إنّ کلاّ منهما يتعلّق بالطبيعة من حيث هي هي، مختلفان من حيث الحقيقة و المبادئ والآثار.


أمّا الاختلاف من حيث الحقيقة، فالأمر بعث إنشائي و النهي زجر کذلک.
و أمّا من حيث المبادئ فمبدأ الأمر هو التصديق بالمصلحة والاشتياق إليها، و مبدأ النهي هو التصديق بالمفسدة والانزجار عنها.
و أمّا من حيث الآثار فإنّ الإتيان بمتعلّق الأمر إطاعة يوجب المثوبة، والإتيان بمتعلّق النهي معصية توجب العقوبة.
ظهور الصيغة في التحريم
قد علمت أنّ هيئة لا تفعل موضوعة للزجر، کما أنّ هيئة إفعل موضوعة للبعث، و أمّا الوجوب و الحرمة فليسا من مداليل الألفاظ و إنّما ينتزعان من مبادئ الأمر و النهي فلو کان البعث ناشئاً من إرادة شديدة أو کان الزجر صادراً عن کراهة کذلک ينتزع منهما الوجوب أو الحرمة و أمّا إذا کانا ناشئين من إرادة ضعيفة أو کراهة کذلک، فينتزع منهما الندب والکراهة.
و مع انّ الوجوب و الحرمة ليسا من المدليل اللفظية إلاّ انّ الأمر أو النهي إذا لم يقترنا بما يدلّ علي ضعف الإرادة أو الکراهة ينتزع منهما الوجوب و الحرمة بحکم العقل علي أنّ بعث المولي أو زجره لايترک بلا امتثال، واحتمال أنّهما ناشئان من إرادة أو کراهة ضعيفة لا يعتمد عليه مالم يدلّ عليه دليل.
و بعبارة أُخري: العقل يُلزِم بتحصيل المؤمِّن في دائرة المولوية و العبودية ولا يتحقق إلاّ بالإتيان بالفعل في الأمر و ترکه في النهي.
النهي والدلالة علي المرّة و التکرار
إنّ النهي کالأمر لا يدلّ علي المرة ولا التکرار، لأنّ المادة وضعت للطبيعة الصرفة، و الهيئة وضعت للزجر، فأين الدال علي المرة و التکرار؟!


نعم لمّا کان المطلوب هو ترک الطبيعة المنهي عنها، ولا يحصل الترک إلاّ بترک جميع أفرادها يحکم العقل بالاجتناب عن جميع محققات الطبيعة، و هذا غير دلالة اللفظ علي التکرار.
ومنه يظهر عدم دلالتها علي الفور و التراخي بنفس الدليل.
الفصل الثاني اجتماع الأمر و النهي في شيء واحد بعنوانين
اختلفت کلمات الأُصوليين في جواز اجتماع الأمر و النهي في شيء واحد، و قبل بيان أدلّة المجوِّز و المانع نذکر أُموراً:
الأمر الأوّل: في أنواع الاجتماع
إنّ للاجتماع أنحاء ثلاثة:
ألف: الاجتماع الآمري: فهو عبارة عمّا إذا اتحد الآمر و الناهي أوّلاً و المأُمور و المنهيّ (المکلَّف) ثانياً، و المأُمور به و المنهي عنه (المکلَّف به) ثالثاً مع وحدة زمان امتثال الأمر و النهي فيکون التکليف عندئذ محالاً، کما إذا قال: صل في ساعة کذا ولا تصل فيها، و يعبَّر عن هذا النوع، بالاجتماع الآمري، لأنّ الآمر هو الذي حاول الجمع بين الأمر و النهي في شيء واحد.
ب: الاجتماع المأموري: هو عبارة عمّا إذا اتحد الآمر و الناهي، و المأُمور و المنهي ولکن اختلف المأُمور به و المنهي عنه، کما إذا خاطب الشارع المکلّف بقوله: صل، ولا تغصب، فالمأُمور به غير المنهي عنه، بل هما ماهيّتان مختلفتان

غير أنّ المکلَّف بسوء اختياره جمعهما في مورد واحد علي وجه يکون المورد مصداقاً لعنوانين و مجمعاً لهما.
ج: الاجتماع الموردي: و هو عبارة عمّا إذا لم يکن الفعل مصداقاً لکل من العنوانين بل يکون هنا فعلان تقارنا و تجاورا في وقت واحد يکون أحد هما مصداقاً لعنوان الواجب و ثانيهما مصداقاً لعنوان الحرام، مثل النظر إلي الأجنبية في أثناء الصلاة، فليس النظر مطابقاً لعنوان الصلاة ولا الصلاة مطابَقاً لعنوان النظر إلي الأجنبية ولا ينطبقان علي فعل واحد، بل المکلّف يقوم يعملين مختلفين متقارنين في زمان واحد، کما إذا صلّي و نظر إلي الأجنبية.
تنبيه: إذا عرفت هذا فاعلم انّ النزاع في الاجتماع المأموري لا الآمري و الموردي.
الأمر الثاني: ما هو المراد من الواحد في العنوان؟
المراد من الواحد في العنوان هو الواحد وجوداً بأن يتعلّق الأمر بشيء و النهي بشيء آخر، ولکن اتحد المتعلّقان في الوجود و التحقّق، کالصلاة المأُمور بها و الغصب المنهي عنه المتحدين في الوجود عند إقامة الصلاة في الدار المغصوبة.
فخرج بقيد الاتحاد في الوجود أمران:
الأوّل: الاجتماع الموردي، کما إذا صلّي مع النظر إلي الأجنبية و ليس وجود الصلاة نفسَ النظر إلي الأجنبية، بل لکلٍّ تحقّق و تشخّص و وجود خاص.
الثاني: الأمر بالسجود لله والنهي عن السجود للأوثان، فالمتعلّقانمختلفان مفهوماً و مصداقاً.
الأمر الثالث: الأقوال في المسألة
إنّ القول بجواز الاجتماع هو مذهب أکثر الأشاعرة، و الفضل بن شاذان من

قدمائنا، و هو الظاهر من کلام السيد المرتضي في الذريعة، و إليه ذهب فحول المتأخّرين من أصحابنا کالمحقّق الأردبيلي و سلطان العلماء و المحقّق الخوانساري و ولده و الفاضل المدقّق الشيرواني و السيد الفاضل صدر الدين و غيرهم، و اختاره من مشايخنا: السيد المحقّق البروجردي و السيد الإمام الخميني قدّس الله أسرارهم و يظهر من المحدّث الکليني رضاه بذلک حيث نقل کلام الفضل بن شاذان في کتابه ولم يعقبه بشيء من الرد و القبول، بل يظهر من کلام الفضل بن شاذان (ت 260 هـ) انّ ذلک من مسلّمات الشيعة.
و أمّا القول بالامتناع، فقد اختاره المحقّق الخراساني في الکفاية و أقام برهانه.
إذا عرفت ذلک، فلنذکر دليل القولين علي سبيل الاختصار وقد استدلوا علي القول بالجواز بوجوه منها:
أنّ الأمر لا يتعلّق إلاّ بما هو الدخيل في الغرض دون ما يلازمه من الخصوصيات غير الدخيلة، و مثله النهي لا يتعلّق إلاّ بما هو المبغوض دون اللوازم و الخصوصيات.
و علي ضوء ذلک فما هو المأُمور به هو الحيثية الصلاتية و إن اقترنت مع الغصب في مقام الإيجاد، و المنهي عنه هو الحيثية الغصبية وان اقترنت مع الصلاة في الوجود و التحقّق.
و علي هذا فالوجوب تعلّق بعنوان الصلاة ولا يسري الحکم إلي غيرها من المشخّصات الاتفاقية کالغصب، کما أنّ الحرمة متعلّقة بنفس عنوان الغصب ولا تسري إلي مشخصاته الاتفاقية، أعني: الصلاة، فالحکمان ثابتان علي العنوان لا يتجاوزانه و بالتالي ليس هناک اجتماع.

و الذي يؤيد جواز الاجتماع هو عدم ورود نص علي عدم جواز الصلاة في المغصوب و بطلانها مع عموم الابتلاء به، فإنّ ابتلاء الناس بالأموال المغصوبة في زمان الدولتين الأُموية و العباسية لم يکن أقل من زماننا خصوصاً مع القول بحرمة ما کانوا يغنمونه من الغنائم في تلک الأزمان، حيث إنّ الجهاد الابتدائي حرام بلا إذن الإمام عليه السلام علي القول المشهور، فالغنائم ملک لمقام الإمامة، و مع ذلک لم يصلنا نهي في ذلک المورد، ولو کان لوصل، و المنقول عن ابن شاذان هو الجواز، و هذا يکشف عن صحة اجتماع الأمر و النهي إذا کان المتعلّقان متصادقين علي عنوان واحد.


ادامه نوشته

دانلود رایگان اصول فقه

دانلود کتاب اصول فقه " التذکره باصول الفقه "

برای دانلود اینجا کلیک کنید

 

 

دانلود اصول فقه

دانلود کتاب اصول فقه " البرهان فی اصول الفقه "

برای دانلود اینجا کلیک کنید